بقلم / جمال الناصر – القديح
الراحلون عن دنيانا ، الساكنون الطهر ، الزارعون في ترابنا بذرة الإصلاح و القيم الإسلامية و الأخلاقية ، ليفتحوا الأفق للآخرين سبيلاً ريًا رويا ، هكذا كانت الفقيدة السعيدة ، المؤمنة العاملة التي لم تكل أو تمل في خدمة مجتمعها ، المرحومة – مؤمنة القديح – رقية سعيد العبيدان – رحمها الله – . لست هنا في كتابة مرثية موتى ، و إنما الكتابة عن الأحياء ، الأحياء الذين يخلدون برغم السنون ، برغم الفقد ، و آلامه آهات في ذوات الفاقدين .
هي كلمات عانقتها أصابع من كانوا معها ، برفقتها و الآن تغتالهم الدموع ذات لحظة ، هي الزمن حين يتوقف ، لفقدها . ها نحن نقرأ كلماتهن و كلماتهم ، نبصرها القيم و نبصره العمل ، لنبكي ” حقًا فقدنا امرأة زينبية ” .
في يوم الجمعة كان الرحيل و في ذكرى وفاة الإمام الجواد ” ع ” كان الرحيل ، لكم استعجلتم الرحيل و لازال مجتمعك شغوف بأن تمنحيه روحك المعطاءة ، ليفرش سجادته . في هذا المساء تشيعك الأيادي و القلوب ، أيادي و قلوب رجال كم كانت بناتهم تتعلم بين يديك لغة التهجد ، عاشقات طريق العلم و المعرفة و التربية الإسلامية ، تنقذيهن من مدلهمات الحياة و غرورها و بؤسها .
إن مؤمنة القديح لم يكن حضورها في بلدتها القديح كمجلس التقوى النسائي و الفعاليات الدينية و الثقافية و التربوية التي تحييها ، و إنما لنورها أبعاده الكثيرة في مختلف الزوايا . إن القديح أمنا و نحن أبنائها و بناتها ، التي تبكي على فراقك .
كنت في تشييع جنازتك متأملاً ، تحملني الذكرى لأبحر في في تلك المعاني التي زرعتها سيدة الصبر زينباه الحسين ” ع ” ، لتأتي بذورها في بساتين الأجيال جيلاً يعدوه جيلاً ، ثمارًا يانعات . أنت الخطيبة على منبر الحسين ” ع ” كنت و لا زلت ، ها قد نصغي لخطبتك الآن و نحن نرفع نعشك ، نرفع القيم و المبادئ ، إخلاصًا و نبضات حبات قبرك ستمنحنا الحياة ، لمنح الحياة .
عذرًا أيها الموت ، لنا نجوم سماء لا تربك يبعدهم إلا جسدًا ، و ما تكتنزه أرواحهم ، هو الضوء الذي يهدينا السبيل ، سبيل الصحوة و خدمة المجتمع .